كان جحا يحب البساتين كثيرة ، ويحب أن يتجول فيها ، ويع نظره بجمالها، ولكنه كان شديد الإشفاق على حماره، والحرص على راحته الجسمية والنفسية ، ولهذا كان يغني له ، ويطن أن الحمار يطرب الغناء، ويرتاح إليه .. ويمر جحا في البستان بدالية قد اخضرت أوراقها، وامتدت أغصانها ، وتدلّت عناقيد العنب فيها، فتاقت نفسه إلى أن يقطف عنقوداً أحمر كبيراً، قد نضجت حباته ، وتراصت بشكل جميل .
تمتم جحا بصوت مسموع : ما أشهى حلاوة هذا العنقود ! ولكنه عالي ! فكيف أتمكن من قطفه ؟ لا شك في أن حباته تذوب في الفم كالصمغ قبل المضغ . ثم راح جحا يمد يديه إلى العنقود ، فلا يصل إليه .. ازدادت شهوة جحا إلى العنقود، وازداد إصراره على قطفه ، وفكر قليلًا، ثم رأى أن يرمي العنقود بحجارة صغيرة يلتقطها من الطريق، لعله يقع . فرماه بالحجارة عدة مرات، ولكنه ظل معلقاً على غصنه يأبى أن يقع .
وعند ذلك نظر جحا إلى العقود حائراً، وقد سيطر عليه اليأس ، فماذا يفعل ؟ هل يتسلق جذع الدالية ؟ هذا معقول ، ولكن الأغصان متشابكة وممدة بعيدا عن الجذع ؛ ثم خطر له أن يدوس على ظهر جماره ، لعل يده تصل إلى العقود.. فرح جحا لهذا الخاطر وهز رأسه قائلاً : إني صاحب الجيل الرائعة، والآراء البارعة، أعجز عن إيجاد حيلة أقطف بها هذا العنقود ! ثم اعتلى ظهر جماره ، ومد يده إلى الأعلى، ولكنه أخذ يهتز ويفقد توازنه .
ضبط نفسه من جديد ، وعدل من وقفته ، وبهدوء تام رفع يده ثانية إلى العنقود، حتى اضطرب جسمه، واختل توازنه من جديد ، ومال يمنة ويسرة ، وإذا به يهوى على الأرض .. شعر جحا بالخجل من نفسه، وأحس بالألم في أعضائه، إلا أنه أراد أن يخفي عن نفسي هذه الخيبة المريرة، فقال : من المؤكد أن هذا العقود لم ينضج بعد، إنه لا يزال حرمة ، ولا يستحق كل هذا الجهيد ثم مضى حزيناً .
المصدر : قصص وحكايات
موقع شعلة للمحتوى العربي#شعلة #موقع- شعلة#شعلة-دوت-كوم #شعلة كوم
This post was created with our nice and easy submission form. Create your post!
Comments
0 comments